
أحيانا أحسّ أن هناك مراكز متخصصة لبث الإشاعات بين الناس، ومراكز أخرى مبشرةُ سوء، تسوؤك بخبر قتلٍ حينا، ونبأ وفاة عائلة حينا آخر.. دون أن أعرف الأهداف والدوافع التي تجعل بعض الإعلاميين والصحفيين يتتبعون أخبار السوء، ويترصدون لرائحة الخبر.. ولو كان إشاعة.
أريدكم أن تتخيلوا الأمر معي: تخيل صاحبا لك اسمه زيد، كلما قابلته صفعك بخبرٍ محزن عن طفل دهسه والده، وشيخ طاعن في السن مات اختناقًا من التدفئة، وذكر لك خبرا صاعقًا أو مدهشًا تكتشف أنه لا صحة له.. ما تقول في هذا الصاحب؟!
كذا الأمر بالنسبة لبعض الوسائل الإعلامية الغير محترمة مع بالغ الأسف، هناك أخبار سوءٍ تنشر كي يُحذّر الناس من أمر، وأخرى تذاع لأجل السعي للخير، ونحو ذلك من الأهداف الراقية. لكن ما الهدف من نشر أخبار لا يوجد لها مبرر معقول إلا مسألة: (احزنوا لهذا الخبر المريع، واشمئزوا من بلدكم، واستيقظوا على صباحات تتوقع فيها الأسوأ) فلا تحذير ولا عبرة ولا طلب إعانة وبذٍل في الخير، وإنما تضييقٌ لبالك، وزيادة في حزنك وإحباطك.
أما الإشاعات فقصتها قصة، وتستحق لقب (الطابور الخامس) في عالمنا الحديث، خصوصا أن بعضها يستحيل أن تُبثّ من شخص عادي؛ بل من الواضح أنها إشاعات مدروسة ومخطط لها، مما يجعلها –بلا شك- وسيلة لرصد ردّة فعل الناس، أو تهيئتهم لأمرٍ عظيم، أو لتوجيههم نحو تحقيق أهداف تدميرية، ومصيبة الإشاعات أنها تبدأ ككذبة ناقصة، يغطي التهويل نقص مصداقيتها، ويكثّف الإعلام نشرها ودعم مصداقيتها، حتى تجد أهل الحكمة والعقلاء أول من يتبعها، ثم –مع الأسف- ستجد أعقل القوم.. بوقًا لها، وما ذاك إلا لقوة تأثير وسائل نشر الإشاعة في السنوات الأخيرة.
وما بين الإشاعات وأخبار المصائب ظهرت لنا طباع مقيتة بين بعض الناس الذين تأثروا كثيرًا بأخبار الصحف الإلكترونية الصفراء، وصارت بعض الطباع السيئة كالتشاؤم والثرثرة حول أي خبرٍ جديد والبناء عليه سمةً تكاد تكون عامة بين الناس في مجالسهم ومنتدياتهم، فتجد من يردد في كل مجلس ومنتدى: الطاسة ضايعة (أي: الوضع يرثى له!)، ويظن أنه بذلك قد بلغ مستوى مميز من الوعي، وأنه في بداية الطريق للإصلاح.
من أعجب القصص التي قرأتها حول الإشاعات هو قصة ارتفاع سعر نوع من أنواع الورود في هولندا في القرن السابع عشر بناءً على إشاعات نشرها بائعو الورود تبالغ كثيرًا في ثمنها وقيمتها (ومن قوة الإشاعة نسي الناس أنها تذبل خلال أيام قليلة!)، فباع البعض بيوتهم مقابل وردة واحدة، والزائر لعاصمة هولندا سيعرف بالضبط سرّ انتشار نقوش الورد على أبواب بعض البيوت، وأن السبب في ذلك أن هذه البيوت قد بيعت –يومًا ما- مقابل وردة. وإن كنتم تستغربون من هذا الأمر فتذكروا مكائن سنجر التي ظهر لها سوق شعبي في كل مدينة وبيعت بعشرات الآلاف بناء على إشاعة الزئبق الأحمر(!).
ولكي تستحضر أكثر خطورة هذا الأمر فتذكر رسائل البريد الإلكتروني: إذا لم ترسلها لسبعة أشخاص ستموت بعد سبعة أيام، والفيس بوك سيصبح مدفوعا في شهر كذا، والهوتميل سيتم إغلاقه، وكم من شخص عاقل تعرفه ساهم في نشرها دون أن يتوقف قليلا معها.
في برنامج وثائقي ساخر عن تفاعل الأمريكيين مع إعلامهم، أعجبتني جملة لأحد المسنين الأمريكان، الذي ذكر وجهة نظره بناء على تعامله مع الإعلام كمتلقي خلال الأحداث الكبرى التي مرت في حياته: منذ السبعينات وأنا أصدق نفيهم، وأكذب إثباتهم.. وأنا أشعر بالراحة منذ ذلك الوقت. وبغض النظر عن المبالغة في كلامه، إلا أن العاقل يجب أن يبتعد أكثر عن تهويل الإعلام، ليرى بوضوح ما وراء الخبر، اسحب نفسك عن التأثير المباشر للأخبار والمقالات، لتكون ناقدًا لما تقرأ لا مجرد بوق له أو صدى، كي لا تنشر إلا ما ترى فعلا أنه صادق وصحيح، لا لأن هالة الجريدة أو هيبة الكاتب تفرض نفسها عليك.
وإلى ذلك الوقت، افعل كما فعل ذلك المسن: صدّق ما ينفيه الإعلام غالبًا، وكذّب ما أثبتوه، حتى لا تصير مرجفًا يلعلع في المجالس ونحن نعيش هذه الطفرة الثالثة بأن: الطاسة ضايعة.. أرجوك !
.
أريدكم أن تتخيلوا الأمر معي: تخيل صاحبا لك اسمه زيد، كلما قابلته صفعك بخبرٍ محزن عن طفل دهسه والده، وشيخ طاعن في السن مات اختناقًا من التدفئة، وذكر لك خبرا صاعقًا أو مدهشًا تكتشف أنه لا صحة له.. ما تقول في هذا الصاحب؟!
كذا الأمر بالنسبة لبعض الوسائل الإعلامية الغير محترمة مع بالغ الأسف، هناك أخبار سوءٍ تنشر كي يُحذّر الناس من أمر، وأخرى تذاع لأجل السعي للخير، ونحو ذلك من الأهداف الراقية. لكن ما الهدف من نشر أخبار لا يوجد لها مبرر معقول إلا مسألة: (احزنوا لهذا الخبر المريع، واشمئزوا من بلدكم، واستيقظوا على صباحات تتوقع فيها الأسوأ) فلا تحذير ولا عبرة ولا طلب إعانة وبذٍل في الخير، وإنما تضييقٌ لبالك، وزيادة في حزنك وإحباطك.
أما الإشاعات فقصتها قصة، وتستحق لقب (الطابور الخامس) في عالمنا الحديث، خصوصا أن بعضها يستحيل أن تُبثّ من شخص عادي؛ بل من الواضح أنها إشاعات مدروسة ومخطط لها، مما يجعلها –بلا شك- وسيلة لرصد ردّة فعل الناس، أو تهيئتهم لأمرٍ عظيم، أو لتوجيههم نحو تحقيق أهداف تدميرية، ومصيبة الإشاعات أنها تبدأ ككذبة ناقصة، يغطي التهويل نقص مصداقيتها، ويكثّف الإعلام نشرها ودعم مصداقيتها، حتى تجد أهل الحكمة والعقلاء أول من يتبعها، ثم –مع الأسف- ستجد أعقل القوم.. بوقًا لها، وما ذاك إلا لقوة تأثير وسائل نشر الإشاعة في السنوات الأخيرة.
وما بين الإشاعات وأخبار المصائب ظهرت لنا طباع مقيتة بين بعض الناس الذين تأثروا كثيرًا بأخبار الصحف الإلكترونية الصفراء، وصارت بعض الطباع السيئة كالتشاؤم والثرثرة حول أي خبرٍ جديد والبناء عليه سمةً تكاد تكون عامة بين الناس في مجالسهم ومنتدياتهم، فتجد من يردد في كل مجلس ومنتدى: الطاسة ضايعة (أي: الوضع يرثى له!)، ويظن أنه بذلك قد بلغ مستوى مميز من الوعي، وأنه في بداية الطريق للإصلاح.
من أعجب القصص التي قرأتها حول الإشاعات هو قصة ارتفاع سعر نوع من أنواع الورود في هولندا في القرن السابع عشر بناءً على إشاعات نشرها بائعو الورود تبالغ كثيرًا في ثمنها وقيمتها (ومن قوة الإشاعة نسي الناس أنها تذبل خلال أيام قليلة!)، فباع البعض بيوتهم مقابل وردة واحدة، والزائر لعاصمة هولندا سيعرف بالضبط سرّ انتشار نقوش الورد على أبواب بعض البيوت، وأن السبب في ذلك أن هذه البيوت قد بيعت –يومًا ما- مقابل وردة. وإن كنتم تستغربون من هذا الأمر فتذكروا مكائن سنجر التي ظهر لها سوق شعبي في كل مدينة وبيعت بعشرات الآلاف بناء على إشاعة الزئبق الأحمر(!).
ولكي تستحضر أكثر خطورة هذا الأمر فتذكر رسائل البريد الإلكتروني: إذا لم ترسلها لسبعة أشخاص ستموت بعد سبعة أيام، والفيس بوك سيصبح مدفوعا في شهر كذا، والهوتميل سيتم إغلاقه، وكم من شخص عاقل تعرفه ساهم في نشرها دون أن يتوقف قليلا معها.
في برنامج وثائقي ساخر عن تفاعل الأمريكيين مع إعلامهم، أعجبتني جملة لأحد المسنين الأمريكان، الذي ذكر وجهة نظره بناء على تعامله مع الإعلام كمتلقي خلال الأحداث الكبرى التي مرت في حياته: منذ السبعينات وأنا أصدق نفيهم، وأكذب إثباتهم.. وأنا أشعر بالراحة منذ ذلك الوقت. وبغض النظر عن المبالغة في كلامه، إلا أن العاقل يجب أن يبتعد أكثر عن تهويل الإعلام، ليرى بوضوح ما وراء الخبر، اسحب نفسك عن التأثير المباشر للأخبار والمقالات، لتكون ناقدًا لما تقرأ لا مجرد بوق له أو صدى، كي لا تنشر إلا ما ترى فعلا أنه صادق وصحيح، لا لأن هالة الجريدة أو هيبة الكاتب تفرض نفسها عليك.
وإلى ذلك الوقت، افعل كما فعل ذلك المسن: صدّق ما ينفيه الإعلام غالبًا، وكذّب ما أثبتوه، حتى لا تصير مرجفًا يلعلع في المجالس ونحن نعيش هذه الطفرة الثالثة بأن: الطاسة ضايعة.. أرجوك !
.
راكان أنت تطلب المستحيل بامتياز في بعض مقالاتك الأخيرة , اسمحلي بأن التعامل مع وسائل الإعلام يجب أن يكون نسبي من ناحية قبول مايبثه لكن تصديق ماينفيه وتكذيب مايثبته هي بمعنى أن لا تكون شريكا في هذا العالم ,, على فكرة الطايسة ضايعة إلا في جامعة القصيم :) ,, الله يستر على هالجامعة من مقالاتك شكلي أيقظت المارد !! ولا تدري ذذذذذذ
ردحذفههههههههه.. يبدو أنك لم تقرأ المقال جيدًا يبو ذذ، أنا قلت: (وبغض النظر عن المبالغة في كلامه، إلا أن العاقل يجب أن يبتعد أكثر عن تهويل الإعلام، ليرى بوضوح ما وراء الخبر). فأنا لم أطلب اتباع هذه المقولة حرفيا، وإنما قلت أنها مبالغة.. وعندما يأتي الشخص بمبالغة فإنه يطلب الحرص الشديد لا التنفيذ حرفيا.
ردحذفأما جامعة القصيم.. فلا تستحق حرفا من سب ولا مدح.