
لفت نظري خبر في صحيفة سبق الإلكترونية، عن مجموعة شباب في تبوك كانوا في نزهة فصنعوا تمثالا ثلجيًّا متقنًا في شكل جمل، وفي الحقيقة.. لم يكن الجمل ولا الشباب ولا الثلج في تبوك هو الذي لفت نظري في الخبر، إنما اللافت للنظر هو أحد الردود عليه.
يقول صاحب الرد على خبر تمثال الجمل الثلجي "والله من الفضاوة"، وهي جملة شعبية يقصد بها صاحبها أن أولئك استغلوا وقت الفراغ بالسخيف من العمل، ونعم.. هناك من يستغلون أوقات الفراغ في أمور تافهة، ولكن هناك أوقات لا تستطيع أن تسميها وقت فراغ يستحق الإشغال بالنافع والمفيد، وإنما هي لحظات نزهة وود واستمتاع وعيش اللحظات الجميلة وصناعة المواقف الرائعة مع الأصدقاء والأصحاب، فلا تحتمل تجهمًا ولا جدّية.
إن كان تدينًا.. فالرسول صلى الله عليه وسلم مازح صحابته بلحظات خلت من الأمر والنهي تماما، وجلس مع عائشة رضي الله عنها وقتًا يشاهد معها ألعاب مهاجري الحبشة، وسابقَ وعاش لحظاتٍ هي عند بعض الجلوف اليوم أوقات فراغ و"فضاوة" ولكنها ليست كذلك أبدًا؛ بل هي رسالة لم يفهموها. وإن كان مروءة فكلنا مرت علينا سير عظماء من أنبياء وقادة ومفكرين كانوا أصحاب مروءة ملكوا بها قلوب الملايين وعقولهم، ومع ذلك هم ألين في سيرهم ممن أغلق كل المساحات الخاصة به، ليبقي مساحةً شخصيةً واسعة الاتجاهات، مغلقة المنافذ.. فلا تستطيع الدخول مهما كان قربك من صاحبها.
وعلى فكرة.. لا يشترط أن تكون غليظ الجسد، يابس الجلد، متجهم الوجه حتى تكون جلفًا، فالجلافة قد تكون بزعم التديّن، وأيضًا قد تكون يزعم الجدّية في العلاقات والعمل، وقد صادفت في الجامعة دكاترة من أرقى ما يكون في نظافتهم ونظامهم وكلامهم، لكن هناك حاجزُ "جلافة" معنوي يجعلك لا تذكره بالخير.. ولا بالشر، أي أنه لا يعني لك شيئًا، مع أن الدكتور يستطيع أن يجعل من نفسه صاحب تأثيرٍ عظيمٍ بلين القلب والجانب، قبل التأثير ببراعة الإلقاء، وجودة الطرح.
هناك "جلافة" من نوع آخر نراها في بعض الناس، وهي انعدام أو قلة التفاعل مع اللحظات الجميلة التي يصنعها الغير من الأحبة والأصدقاء، ولا زال في رأسي ألف علامة استفهام واستفهام، من طبيعة أقوام تمر عشرات السنوات عليهم وهم باردين جدا في كل ما يستحق ردّة فعلٍ أقلها الابتسامة، فسلامهم يدفعك لكرههم لا محبتهم، وردودهم على النكات والسوالف الطريفة يشعرك بالنعاس، لا يختلف ذلك لا في الأيام العادية ولا في الأعياد.. ولا حتى في الأعراس، ولك أن تتصور حضورك لحفلة ما تخص ذلك الشخص أو حبيبا له ثم تراه باردًا كأنه في عزاء.
التفتوا للحظات الجميلة.. إن رسم ابنك رسمًا وأراهُ إيّاك فقابلها بتأمل ودقائق ثناء وتوجيه ستعني له الكثير، بدلًا من قولك: زين زين.. روح ارسم هناك. وأنت تلتفت نحو جهةٍ أخرى، أو ملامحك تحكي له انشغالك عنه. وإن أراك صاحبك عملًا له أو هواية، فأقبل عليه اهتمامًا وأثِرْ الأسئلة حولها ولا تكن باردًا أو محطمًا أو غير مهتم.. وتريد الخلاص من الحديث حولها بأي حديثٍ آخر. وإن أرادت والدتك أن تجمع أبناءها في عشاء خاص أو طلعةٍ بريّة، فأدبر عن الدنيا وأقبل عليها مرضاة لها، وجبرًا لخاطرها، وقس على ذلك من المواقف التي نهملها بتصرفاتٍ جافة دون أن ننتبه، فنتسم بخليط صفات قاسية تحرمنا من المشاعر الجميلة التي تصاحب تلك المواقف.
.
يقول صاحب الرد على خبر تمثال الجمل الثلجي "والله من الفضاوة"، وهي جملة شعبية يقصد بها صاحبها أن أولئك استغلوا وقت الفراغ بالسخيف من العمل، ونعم.. هناك من يستغلون أوقات الفراغ في أمور تافهة، ولكن هناك أوقات لا تستطيع أن تسميها وقت فراغ يستحق الإشغال بالنافع والمفيد، وإنما هي لحظات نزهة وود واستمتاع وعيش اللحظات الجميلة وصناعة المواقف الرائعة مع الأصدقاء والأصحاب، فلا تحتمل تجهمًا ولا جدّية.
إن كان تدينًا.. فالرسول صلى الله عليه وسلم مازح صحابته بلحظات خلت من الأمر والنهي تماما، وجلس مع عائشة رضي الله عنها وقتًا يشاهد معها ألعاب مهاجري الحبشة، وسابقَ وعاش لحظاتٍ هي عند بعض الجلوف اليوم أوقات فراغ و"فضاوة" ولكنها ليست كذلك أبدًا؛ بل هي رسالة لم يفهموها. وإن كان مروءة فكلنا مرت علينا سير عظماء من أنبياء وقادة ومفكرين كانوا أصحاب مروءة ملكوا بها قلوب الملايين وعقولهم، ومع ذلك هم ألين في سيرهم ممن أغلق كل المساحات الخاصة به، ليبقي مساحةً شخصيةً واسعة الاتجاهات، مغلقة المنافذ.. فلا تستطيع الدخول مهما كان قربك من صاحبها.
وعلى فكرة.. لا يشترط أن تكون غليظ الجسد، يابس الجلد، متجهم الوجه حتى تكون جلفًا، فالجلافة قد تكون بزعم التديّن، وأيضًا قد تكون يزعم الجدّية في العلاقات والعمل، وقد صادفت في الجامعة دكاترة من أرقى ما يكون في نظافتهم ونظامهم وكلامهم، لكن هناك حاجزُ "جلافة" معنوي يجعلك لا تذكره بالخير.. ولا بالشر، أي أنه لا يعني لك شيئًا، مع أن الدكتور يستطيع أن يجعل من نفسه صاحب تأثيرٍ عظيمٍ بلين القلب والجانب، قبل التأثير ببراعة الإلقاء، وجودة الطرح.
هناك "جلافة" من نوع آخر نراها في بعض الناس، وهي انعدام أو قلة التفاعل مع اللحظات الجميلة التي يصنعها الغير من الأحبة والأصدقاء، ولا زال في رأسي ألف علامة استفهام واستفهام، من طبيعة أقوام تمر عشرات السنوات عليهم وهم باردين جدا في كل ما يستحق ردّة فعلٍ أقلها الابتسامة، فسلامهم يدفعك لكرههم لا محبتهم، وردودهم على النكات والسوالف الطريفة يشعرك بالنعاس، لا يختلف ذلك لا في الأيام العادية ولا في الأعياد.. ولا حتى في الأعراس، ولك أن تتصور حضورك لحفلة ما تخص ذلك الشخص أو حبيبا له ثم تراه باردًا كأنه في عزاء.
التفتوا للحظات الجميلة.. إن رسم ابنك رسمًا وأراهُ إيّاك فقابلها بتأمل ودقائق ثناء وتوجيه ستعني له الكثير، بدلًا من قولك: زين زين.. روح ارسم هناك. وأنت تلتفت نحو جهةٍ أخرى، أو ملامحك تحكي له انشغالك عنه. وإن أراك صاحبك عملًا له أو هواية، فأقبل عليه اهتمامًا وأثِرْ الأسئلة حولها ولا تكن باردًا أو محطمًا أو غير مهتم.. وتريد الخلاص من الحديث حولها بأي حديثٍ آخر. وإن أرادت والدتك أن تجمع أبناءها في عشاء خاص أو طلعةٍ بريّة، فأدبر عن الدنيا وأقبل عليها مرضاة لها، وجبرًا لخاطرها، وقس على ذلك من المواقف التي نهملها بتصرفاتٍ جافة دون أن ننتبه، فنتسم بخليط صفات قاسية تحرمنا من المشاعر الجميلة التي تصاحب تلك المواقف.
.
تزدان المدونة بتعليقاتكم وملاحظاتكم.